من منا لا يعرف رواية ( اّلف ليلة وليلة ) ...هذه الحكايات اللطيفة الخفيفة , التي تجعل القارئ في حالة أنشراح وفضول جامح الألحاح لطلب الأستزادة لتتابع الليالي من دون أنقطاع. كيف لاااااااااااااا وهي تدور في فصول من الأعاجيب العجاب ومقاطع من الأهوال يسبح في عالم ساحر من الجمال والخيال .
هل صحيح ما قيل عن غضب شهريار على اول إمرأة دخلت حياته , بسبب خيانتها له مما دفعه على قتل في كل ليلة فتاة ,أنتقاماً من زوجته الأولى على هذا الأمر الشنيع ؟؟ لا نستطيع التأكد حتى الأن بواحدة من الأشاعات التي رويت على ألسنة الدارسين او الباحثين عن السبب الرئيسي لتسمية هذا الكتاب أكثر من ليلةٍ واحدة .
عند أولى قرأتِ لهذه الرواية , تسألت في نفسي والحيرة تملئ عقلي ألم يمل أحد من قراءة هذه الليالي الكثيرات او بالأحرى ألم يمل شهريار يوماً من الأيام . وسرعان ما أكتشفت حقيقة الأمر فأذ بي أقرأ ليلة واحدة وأقول سأكتفي ولن أكمل وعند نهايتها أريد معرفة ما سيجري في الليلة الأخرى وبقيت على هذه الحال حتى أنهكني التعب وعرفت من خلالها سر شهرتها. اذا أعزائي وعزيزاتي جئت بصفتي المقدم لهذه الرواية الشهيرة فسأحاول أن أتغاظى وأحذف بعض الأسطر لقرارة في نفسي ولكنها لن تؤثر على مجرى الحكاية و ارجو لكم أروع الأوقات وعسى أن تستمعوا كما أستمتعت بقرائتها^^.
بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا محمد وعلى اّله وصحبه اّجمعين. فإن سير الأولين صارت عبرة للأخرين , لكي يرى الأنسان ما عمله الأمم الأسبقين , فسبحان من جعل حديث الأولين عبرة لقوم اّخرين.
~حكاية الملك شهريار وأخيه شاه زمان ~
حكي والله أعلم أنه فيما مضى من قديم الزمان وسالف العصر والأوان كان لملك من ملوك ساسان ولدان احدهما كبير والأخر صغير. وكانا فارسين بطلين و وكان الكبير أفرس من الصغير , وقد ملك البلاد وحكم بالعدل بين العباد , أسمه الملك شهريار , واسم أخيه الصغير شاه زمان , وكان ملك سمرقند العجم. ولم يزل الأمر مستقيماً في بلادهما وكل واحد منهما في مملكته حاكم عادل في رعيته مدة عشرين سنة, ولم يزالا على هذه الحالة إلى أن اشتاق الكبير إلى أخيه الصغير, فأمر وزيره أن يسافر إليه, فسافر حتى وصل ودخل على أخيه وبلغه السلام وأعلمه أن أخاه مشتاق إليه وقصده أن يزوره, فأجابه بالسمع والطاعة وتجهز للسفر, واقام وزيره حاكما على بلاده وخرج طالبا أخاه. فلما كان نصف الليل تذكر حاجة نسيها في قصره فرجع ودخل قصره فوجد زوجته تخونه مع عبدا اسود من العبيد, فاسودت الدنيا في وجهه, وسل سيفه وضرب الأثنين فقتلهما , ورجع من وقته وساعته وأمر بالرحيل. وسار إلى أن وصل إلى مدينة أخيه ففرح أخوه بقدومه غاية الفرح وزين له المدينة وجلس معه يتحدث بأنشراح. فتذكر الملك شاه زمان ما كان من أمر زوجته فحصل عنده غم زائد وأصفر لونه وضعف جسمه , فلما راّه أخوه على هذه الحالة ظن نفسه أن ذلك بسبب مفارقته بلاده وملكه, فترك سبيله ولم يسأل عن ذلك. ثم أنه قال في بعض الأيام: يا أخي إني أريد أن تسافر معي إلى الصيد والقنص لعل صدرك ينشرح فابى ذلك. فسافر أخوه وحده إلى الصيد , وكان في قصره شبابيك تطل على بستان أخيه , فنظر وإذا باب القصر قد فتح وخرج منه عشرون جارية وعشرون عبداً, وإمرأة أخيه تمشي بينهم , وهي في غاية الحسن والجمال, فوجدهم يلهون مع بعضهم البعض من دون رقيب او حسيب. فلما رأى كذلك أخو الملك هان ما عنده من القهر والغم, ولم يزل في أكل وشرب. وبعد هذا جاء أخوه من السفر فسلما على بعضهما بعضاً, ونظر الملك شهريار إلى أخيه الملك شاه الزمان وقد رد لونه وأحمر وجهه وصار يأكل بشهية , فتعجب من ذلك وقال : كنت اراك مصفر اللون و الوجه والأن قد رد إليك لونك فأخبرني بحالك, فقال له : يا أخي إنك لما أرسلت وزيرك إلي يطلبني للحضور بين يديك, جهزت حالي وقد برزت من مدينتي, ثم أني تذكرت الخرزة التي أعطيتها لك في قصري فرجعت فوجدت زوجتي تخونني فقتلتها ومن معها وجئت إليك وأنا متفكر في هذا الأمر, فهذا سبب تغير لوني وضعفي.
وأما رد لوني فأعف عني من أن اذكره لك . فلما سمع أخوه كلامه قال له: أقسمت عليك بالله أن تخبرني بسبب رد لونك, فأعاد عليه جميع ما راّه, فقال شهريار لأخيه شاه زمان مرادي أن أنظر بعيني. فقال له أخوه شاه زمان: اجعل أنك مسافر للصيد والقنص وأختف عندي وأنت تشاهد ذلك وحققه عياناَ. فنادى الملك من ساعته بالسفر فخرجت العساكر والخيام إلى ظاهر المدينة وخرج الملك , ثم أنه جلس بالخيام وتنكر وعاد متخفياً إلى القصر الذي فيه أخوه وجلس في الشباك المطل على البستان ساعة من الزمان, حتى رأى ما رأه. فلما رأى الملك شهريار ذلك الأمر طار عقله من راسه وقال لأخيه شاه زمان: قم بنا نسافر إلى حال سبيلنا وليس لنا حاجة بالملك حتى ننظر هل جرى لأحد مثلنا أو لا, فيكون موتنا خيراً من حياتنا, فأجابه لذلك.
ثم أنهما خرجا من باب سري في القصر, ولم يزالا مسافرين إلى وصلا إلى شجرة في وسط مرج عندها ماء بجانب البحر المالح , فشربا من تلك العين وجلسا يستريحان, فلما كان بعد ساعة مضت من النهار إذا هما بالبحر قد هاج وطلع منه عمود اسود صاعد إلى السماء وهو قاصد تلك المرجة , فلما رايا ذلك خافا وطلعا إلى أعلى الشجرة وكانت عالية وصارا ينظران ماذا يكون الخبر , واذا بجني طويل القامة عريض الهامة واسع الصدر على راسه صندوق , طلع إلى البر وأتى نحو الشجرة التي هما فوقها وجلس تحتها, وفتح الصندوق وأخرج منه علبة ثم فتحها, فخرجت منها صبية غراء بهية كأنها الشمس المضيئة. فلما نظر إليها الجني قال: يا سيدة الحرائر التي قد أختطفتكِ ليلة عرسك أريد أن أنام قليلاً, ثم إن الجني وضع راسه على ركبتها ونام . فرفعت راسها إلى أعلى الشجرة فرأت الملكين, فرفعت راس الجني من فوق ركبتها ووضعتها على الأرض , ووقفت تحت الشجرة , وقالت لهما بالاشارة : أنزلا ولا تخافا هذا العفريت , ونزلا إليها فقامت لهما وقال: قفا, واخرجت من جيبها كيساً وأخرجت منه عقداً فيه خمسمائة وسبعون خاتماً, فقالت لهما: أتدريان ما هذه , فقالا لها : لا ندري , فقالت لهما : اصحاب هذه الخواتم كلهم كانوا يفعلون بي على غفلة من هذا العفريت فاعطياني خاتميكما أنتما الأخران , فأعطياها من يديهما خاتمين , فقالت لهما إن هذا العفريت قد أختطفني ليلة عرسي ثم أنه وضعني في علبه وجعل العلبة داخل الصندوق ورمى على الصندوق سبعة أقفال وجعلني في قاع البحر العجاج المتلاطم الأمواج. ولم يعلم أن المرأة منا إذا أرادت أمراً لم يغلبها شيء.
تعجبا غاية العجب ثم أنصرفا من ساعتهما عنها ورجعا إلى مدينة الملك شهريار ودخلا قصره. ثم أنه رمى عنق زوجته وكذلك أعناق الجواري والعبيد وصار الملك شهريار كلما يأخذ بنتاً بكراً يقتلها في ليلتها. ولم يزل على ذلك مدة ثلاث سنوات , فضجت الناس وهربت ببناتها ولم يبق في تلك المدينة بنت تتحمل الوطء. ثم أن الملك أمر الوزير بأن يأتيه ببنت على جرى عادته فخرج الوزير وفتش ولم يجد بنتاً. فتوجه إلى منزله وهو غضبان مقهور خائف على نفسه من الملك. وكان الوزير له أبنتان رائعتا الحسن والجمال والبهاء, الكبيرة أسمها شهرزاد والصغيرة أسمها دنيازاد, وكانت الكبيرة قد قرأت الكتب والتواريخ وسير الملوك المتقدمين وأخبار الأمم الماضين, فقالت لأبيها مالي أراك متغيراً حاملا الهم والأحزان ؟؟ فحكى لها ما جرى له من الأول إلى الأخر مع الملك , فقالت له : بالله يا ابتِ زوجني هذا الملك , فإما أن أعيش وإما أن أكون فداء لبنات المدينة وسبباً لخلاصهن من بين يديه, فقال لها : بالله عليك لا تخاطري بنفسك , فقالت : لا بد من ذلك . فأسرع الوزير لتجهيز أبنته وطلع إلى الملك معها, وكانت قد أوصت أختها الصغيرة قائلة : إذا توجهت عند الملك أرسلت بطلبك, فإذا جئت قولي: يا أختي حدثيني حديثاً نقطع به الليل. وأنا أحدثك حديثاً يكون فيه إن شاء الله من الخلاص .
ثم لما وصلت إلى حضرة الملك بكت, فسألها الملك عما بها , فأخبرته بأنها تريد توديع أختها , فأرسل الملك لأختها. ولما تم الجمع جلسوا يتحدثون . فسارعت أختها إلى القول: بالله عليكِ يا أختاه حديثنا حديثاً نقطع به سهر ليلتنا . فقالت : حبا وكرامة إن أذن لي الملك .
وسكتت مالينا عن الكلام المباح
اراكم غداً لنرى ما حدث لشهرزاد وهل ستقنع شهريار ؟؟ وكيف ؟؟
إلى اللقاء
[center]